مايحدث في وطننا العربي اليوم يجعلنا نصرخ بلا صوت ؛ لأن أصواتنا لن
تغير الواقع المخزي الذي يعيشه العرب.. في العراق شباب و أطفال يقتلون
كل يوم و الباقي يبحث عن كسرة خبز !!!
وفي لبنان تقوم طائرات العدو كل ساعة بغاراتها لتحصد أرواح عشرات
العزل من النساء و الأطفال و الشيوخ في الوقت الذي تزور فيه نانسي عجرم
مصر لتحي الحفلة السنوية !! كان أول امس مذبحة فلسطين التي راحت من بين
أيدي أصحابها على مرأى و مسمع من العرب . و بالأمس كان اغتصاب العراق
بأيدي قوات تحالف الشيطان الدولية . و هاهي اليوم لبنان تغتصب أمام
أعين العرب ولم نسمع صوتا واحدا من ( الزعماء ) يندد أو يشجب !! و
تساءلني نفسي على من سيكون الدور غدا ؟؟؟
أما الواقع
المصري ، فهو لايختلف كثيرا عن الواقع العربي : غلاء في أسعار المواد
الأساسية جعلت كل من لديه أسرة يمشي هائما على وجهه ، لا يعرف مصير
أسرته . تخلت الحكومة عن مسئولياتها في كل شيء الا المستشفيات التي
يدخلها غير القادر لكي يفارق الدنيا أسفا ، و المدارس التي تقوم بكل
شيء الا التربية أو التعليم ، و تكتشف شبابا في الجامعات لايعرفون
القراءة ولا الكتابة !! و المواصلات التي تجعلك تكره الساعة التي تخرج
فيها الى عملك في الصباح !!! أو أقسام الشرطة التي ترى فيها أعين
الباشوات هناك تقول : ان المواطن متهم حتى تثبت ادانته !!!
كل هذه الأوضاع
و غيرها مما تقوم الحكومة بالاشراف عليها تجعل المواطن يكره اليوم الذي
ولدته فيه أمه ، و يفكر كل يوم في الطريقة التي يغادر بها هذا الوطن
الآمن !!!
هذا حال الصالة في مصر ، أما خشبة المسرح فهي تعرض كل ما يلذ و
يطيب من أجل الترفيه عن السواح .. في القطاع العام قبل الخاص !!! و
كأننا في بلد آخر من بلدان العالم المتقدم الذي لايعاني فيه المواطن من
شيء الا الترف الزائد .
اننا بحاجة الى مسرح يعبر عن حقيقة المصريين , معاناته و احلامه ..
مسرح يرى فيه المصريون أنفسهم و قضاياهم هم .. مسرح انشئ من أجلهم و
لهم . أما النوع الذي تروج له وزارة الثقافة فيمكن أن يكون في دور
العرض في شرم الشيخ أو مارينا .
اننا بحاجة الى أن يعيد المسرح القومي قوميته ، و يعرض مسرحيات
مصرية تعرض قضايا قومية لا أن يعرض مسرحيات ينافس بها مسرح القطاع
الخاص , مما يقوم باثارة الغرائز أو الهاء الناس عن واقعهم . أو مسرح
الطليعة الذي يمكن أن يتبنى كتابات المصريين الشابة التي تعبر عن
معاناتهم و واقعهم . أو المسرح الكوميدي الذي ينتج مسرحية واحدة كل صيف
ليستقبل الأخوة العرب بالفكاهة الرخيصة و مداعبة الغرائز .
اننا نريد من
وزارة الثقافة أن يكون مسرحنا مسرحا مصريا يقوم و يربي و ينير
المواطنين , مسرحا يعبر عن حقيقة واقع المصريين بلا خوف . و حسبنا أننا
في عصر التنوير و عصر الديمقراطية التي يتسع صدرها لرؤى الآخرين من
المصريين.
واذا كان
الواقع العربي مرهونا بسقوط الامبراطورية الأمريكية التي تقف على رأس
الحضارة اليوم ؛ شأنها شأن سقوط كل الدول التي وقفت على رأس الحضارات
القديمة في الأمس , فان واقعنا المصري لن يتغير الا بتغير المصريين
أنفسهم .. و من أدوات تغيير الشعوب و تنويرهم هو الفن المسرحي , اذا
كان فنا مسرحيا حقيقيا يعبر عن قضايا الشعب و يواجهه بأسباب تخلفه و
ضعفه .
عصام
الدين ابو العلا
|