بداية الحركة المسرحية نبعت من خلال أنشطة البعض وتميزهم عن أفراد مجتمعهم لكونهم يقدمون أعمالا فنية تعكس تطلعاتهم ومحبتهم للعمل المسرحي وتحقيق طموحاتهم باختيارهم لمواضيع وقضايا اجتماعية وثقافية ووطنية مسبوغة بالموروث الشعبي مراعين في ذلك العادات وتقاليد تلك الفترة مستغلين إجادة البعض منهم لرواية النكتة وحسن التصرف على المسرح وفصاحة اللغة بالتشخيص والتقمص بأداء تمثيلي متميز ونقل المشاهد تليبا وترجمة من تجارب المسرح واستغلالها بشكل أمثل وتقديمها في أعمال ممسرحة بداية من حفظ الحوار أو الاتفاق على الفكرة أي بما يعرف (بالارتجال) مروراً بتصميم الملابس وتنفيذ الديكور والإكسسوارات والمكملات المشهدية التي تفعل العرض إلى حد الإبهار والشد.

هذه صورة من البدايات التي عرف بها هذا الجيل وخلاصة تجربة إشباع هواية المسرح. وما عرف عن الفنان المرحوم/ أنور عبد الوهاب الطرابلسي– انه هو احد الذين كان له دور رائد في تجربته مع جيله من المسرحيين – ممثلاً – ومصمما للملابس – شاعراً ومعداً جيدا – يجيد اللغة الايطالية بطلاقة – يحفظ كثيرا من الشعر، وراوي متميز وبارع للحكاية والنكتة ويجيد أيضا حفظ الشعر الايطالي وإلقاءه بشكل موسيقى وملم باللغة التركية ويتمتع أيضا خلال فترة شبابه بوسامة مميزة، مما جعله يمثل دور العنصر النسائي في العديد من العروض ومتى طلب منه ذلك، كما قام بإعداد بعض الأعمال فهو باحث جيد، إحساسه متدفق اتجاه الكلمة والنغم واللوحة الشعبية ويعتبر فنانا مثقفا وشاملا مساهماته فتحت العديد من الأبواب للوسط الفني ومحبوبا للجميع عاشق لمدينته وفنه وتراثه بأمانه وشرف .

ومن الأعمال المسرحية التي شارك فيها:
العباسة أخت الرشيد – شيخ الحارة – لا أتزوج ولو شنقوني – جريمة الإباء – عمر المختار – غيث الصغير.
وشارك مع فرقته (فرقة هواة التمثيل) في عرض مسرحي لمدة أربعة عشر ليلة في عام 1936 م بمدينة طرابلس *

والجدير بالذكر إن الهم المسرحي في تلك الفترة ميزته الهواية وحب المسرح رغم فترة الاحتلال الايطالي للبلاد وبالتالي ناقش المسرح العديد من قضايا المرحلة .

وهنا أود الإشارة إلى نص تقرير لمجلس إدارة جمعية عمر المختار والذي يشيد بدور الفنان أنور الطرابلسي .
((وبالبحث في تقرير مجلس الإدارة لجمعية عمر المختار في أوائل يونيو سنة 1943م بتأسيس جمعية للثقافة والرياضة، حيث انه كان هناك قسم للثقافة ويتبعه فرع التمثيل على النحو التالي:

أنور الطرابلسي رئيسا
عبد العزيز الجيباني مستشاراً فنيا
إبراهيم اسطي عمر مستشاراً فنيا
احمد غنيـــم خطاطا

حيث ذكر في التقرير :

ومن النواحي الهامة التي يوجه أليها هذا القسم اهتمامه الشديد هي ناحية التمثيل لان هذا الفن الجميل زيادة على ما يدر على خزينة الجمعية من إرباح يعتبر مدرسة الشعب التي تعلم الكبير والصغير كيف تكون الأخلاق الفاضلة ويشرح للشعب بالأسلوب الذي يفهمه الإمراض الاجتماعية ويصف علاجها أما في فكاهة مضحكة أو في مأساة محزنة ولهذا السبب جعل لهذا الفن فرع قائم بذاته يرأسه الشاب النشيط/ أنور الطرابلسي.

وهذا الفرع قام في ثلاث سنوات بمجهود جبار فأخرج ومثل لعدة مرات خمس روايات تاريخية وأخلاقية هي: سهاد - خليفة الصياد - الجيل الجديد - أميرة الأندلس - تاجر بغداد. وكان للإخراج والتمثيل لهذه الروايات رنة إعجابه وتقدير من الجمهور)).

ومع بداية السبعينات أصبح الفنان/ أنور الطرابلسي، فنانا يعترف به قطاع الإعلام والثقافة بدوره كمؤسس – حيث كلف بالعديد من المهام منها :

* رئيس فرقة المسرح القومي والفنون الشعبية / بدرنة .
* مدير لفرقة المسرح الوطني / بدرنة.
* مديرا لمكتب الهيئة العامة للمسرح والموسيقى و الفنون الشعبية / بدرنة.
* رئيسا لشعبة المسرح والفنون الشعبية/ بدرنة .