في تاريخ الانسانية حضارات ، قامت
على أسس راسخة في مجالات متعددة ، منها قطاع الثقافة و الفنون . و يشهد
التاريخ المكتوب بعظمة تلك الحضارات في اسهاماتها التي أنارت الانسانية
بقبس ابداعات الفكر و الفن اللذين نعيش عليهما حتى الآن ، غير ناسين
أناس تلك الحضارات و من وراءهم من ملوك عظام وهبوا الانسانية مالم
تهبه عروشهم نفسها .
ففي فترة زمنية قصيرة لم تتجاوز الثلاثين
عاما ، أعطت أثينا فكرا أنار للبشرية طريق النور ، على يد سقراط و
أفلاطون و أرسطو .. كما أعطت شعراء عظام أمثال أيسخيلوس و سوفوكليس و
يوربيديس و أريستوفانيس .هذا الى جانب الآلات الموسيقية التي تولدت في
تلك الفترة الوجيزة ، و التي تطور عنها أهم ما نعرف من آلات تملأ قاعات
الموسيقى في العالم و تعترف بفضل تلك الحضارة .
و في تلك الفترة عرف المعمار المسرحي
شكله الذي نعرفه عليه الآن ، و قدمت أجل العروض المسرحية التي أفادت
المسرحيين و الموسيقيين و الراقصين حتى يومنا هذا . و كلنا يعرف فضل
الاغريق على الانسانية في مجال النحت و الهندسة المعمارية .
و أقارن أحيانا بين العصر و البلد الذي
أعيش فيه ، و أثينا القديمة .. كنوع من شطح الخيال ، و أتساءل : ماذا
لو كان الفنان فاروق حسني مسئولا عن الثقافة و الفنون في أثينا القديمة
؟
و أجد الاجابة واحدة : ستمتليء أثينا
القديمة بالمهرجانات و الاحتفالات التي ستخرب بيت هذا البلد الآمن ، و
يجوع أهلها ولايجد شبابها غير المقاهي سبيلا ، و ستجد مؤلفين عجب و
مخرجين أعجب ، و مسئولين عن النشاط المسرحي في أثينا القديمة أكثر عجبا
. ولن يجد سقراط و أفلاطون و أرسطو غير مكتبة مدبولي الخاصة بأثينا
القديمة تنشر أعمالهم بالمجان ، وسيجد النحاتون طريقهم الى حي الحسين
الكائن بوسط أثينا القديمة .. و ستنتشر الأفلام الهلس و تنتشر أفيشاتها
في ميادين أثينا العامة ، و تصبح الراقصة فلانة هي المسئولة عن تعيين
أهم مراكز في قطاع الثقافة و الفنون بأثينا القديمة .
و أخيرا أقول الحمد لله رب العالمين ، أن
قطاع الثقافة و الفنون لم يستثمر الفنان الشاب فاروق حسني ، و اتفق أهل
الأرض جميعا و حكومات العالم أن يظل وزيرا بمصر ، ينعم ويرتع بقراراته
، و يجعل كل ليالي المحروسة منارة بليالي المهرجانات و الاحتفالات ..
حتى لو صرف الدخل القومي كله ، وتشرد الأطفال خارج المدارس ، و لم يجد
المرضى غير الدعاء بالشفاء .
و بالرغم
من حبي للفنان الشاب ، و دعائي له بالاستقرار على عرش الوزارة سنوات و
سنوات .. حتى لا نضطر لاستيراد الوزراء من الخارج بعد نجاح عمل مدربي
كرة القدم الأجانب في مصر و حصولنا على كأس شبرا الخيمة .
عصام
الدين ابو العلا
|